سورة البلد - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البلد)


        


{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}
{وهديناه النجدين} أي طريقي الخير والشر كما أخرجه الحاكم وصححه والطبراني وغيرهما عن ابن مسعود وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس وروى عن عكرمة والضحاك وآخرين وأخرجه الطبراني عن أبي إمامة مرفوعًا والنجد مشهور في الطريق المرتفع قال امرؤ القيس:
فريقان منهم جازع بطن نخلة *** وآخر منهم قاطع نجد كبكب
وسميت نجد به لارتفاعها عن انخفاض تهامة والامتنان المحدث عنه بأن هداه سبحانه وبين له تعالى شأنه ما إن سلكه نجا وما أن سلكه هلك ولا يتوقف الامتنان على سلوك طريق الخير وقد جعل الإمام هذه الآية كقوله تعالى: {إِنَّا هديناه السبيل} [الإنسان: 3] إما شاكرًا وإما كفورًا ووصف سبيل الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف سبيل الشر فإن فيه هبوطًا من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودًا ولذا استعمل الترقي في الوصول إلى كل شيء وتكميله كذا قيل وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس أنهما الثديان وروى ذلك عن ابن المسيب أي ثديي الأم لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه والارتفاع فيهما ظاهر والبطن تحتهماكالغور والعرب تقسم بثديي الأم فتقول أما ونجديها ما فعلت ونسب هذا التفسير لعلي كرم الله تعالى وجهه أيضًا والمذكور في الدر المنثور من رواية الفريابي وعبد بن حميد وكذا في مجمع البيان أنه كرم الله تعالى وجهه إن أناسًا يقولون أن النجدين الثديان فقال لا هما الخير والشر ولعل القائل بذلك رأى أن للفظ يحتمله مع ظهور الامتنان عليه جدًا.


{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)}
{فَلاَ اقتحم العقبة} الاقتحام الدخول بسرعة وضغط وشدة ويقال قحم في الأمر قحومًا رمى نفسه فيه من غير روية والعقبة الطريق الوعر في الجبل وفي البحر هي ما صعب منه وكان صعودًا والجمع عقب وعقاب وهي هنا استعارة لما فسرت به من الأعمال الشاقة المرتفعة القدر عند الله تعالى والقرينة ظاهرة وإثبات الاقتحام والمراد به الفعل والكسب ترشيح ويجوز أن يكون قد جعل فعل ما ذكر اقتحامًا وصعودًا شاقًا وذكره بعد النجدين جعل الاستعارة في الذروة العليا من البلاغة والمراد ذم المحدث عنه بأنه مقصدر مع ما أنعم الله تعالى به عليه من النعم العظام والأيادي الجليلة الجسام كأنه قيل فقصر ولم يشكر تلك النعم العظيمة والأيادي الجسيمة بفعل الأعمال الصالحة بل غمط النعمة وكفر بالمنعم واتبع هوى نفسه وقوله تعالى:


{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)}
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا العقبة} أي أي شيء أعلمك ما هي تعظيم تعظيم لشأن العقبة المفسرة بقوله سبحانه:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7